أما في المرة الثانية، فقد اعتقله الجنود من منزله، حيث اقتحموا منزل العائلة في الساعة الثالثة صباحاً، حيث استخدموا قنابل الصوت، وحطموا أبوب المنزل، وطلبوا من العائلة إبراز بطاقات الهوية. لقد حوصر المنزل من قبل عدد من الجنود يتراوح ما بين 30-50 جندياً مدججين بالسلاح، واقتادوا وليد- الذي كان نائماً في سريره- بعد أن كبلوا يديه وعصبوا عينيه. وتعرض وليد أثناء ذلك للضرب والشتائم وكافة أشكال المعاملة المهينة واللا إنسانية على مرأى من سكان القرية. وبعد التحقيق معه وتعرضه للتعذيب ليوم كامل، اقتيد وليد إلى السجن، حيث كان يتم تأجيل جلسات المحاكمة باستمرار على مدى ثلاث أشهر متتالية.
وبعد أن أمضى خمسة أشهر في السجن، وهي فترة الحكم التي صدرت بحقه، تم إطلاق سراحه. إلا أنه، وبعد إطلاق سراحه، كان يجد صعوبة في التحدث مع الناس، ولم يكن يرغب في مغادرة المنزل. وفوراً، تواصل معه أحد الأخصائيين في برنامج التأهيل في مكتب رام الله لتنفيذ التدخل اللازم مع الفتى على مدى أربعة أشهر. وقد ساعدته الأخصائية في إعادة بناء مهارات التعامل مع الآخرين والانخراط في الحياة الاجتماعية. وتعتبر الأخصائية بأن التدخل المنفذ مع الفتى قد كان ناجحاً وحقق الهدف المرجو منه؛ لقد أضحى يجد متعة في الخروج ولقاء الناس. وقد كرست الأخصائية قدراً كبيراً من الوقت للعمل مع وليد على تمارين التنفس، والعمل الجماعي بالإضافة إلى إشراكه في الرحلات الترفيهية إذ كانت هذه الرحلات بمثابة فرصة له للقاء أشخاص من عمره مروا بتجارب مماثلة. لقد أسهمت هذه الأنشطة في استعادة وليد لشعوره بالأمان وخلق بيئة آمنة تخلو من جنود الاحتلال. أما بالنسبة لأهم الجوانب التي عالجتها الأخصائية فقد كانت مساعدة وليد من التخلص من حالة الصدمة التي لازمته منذ حادثة اعتقاله. لقد علمته الأخصائية كيفية التعامل مع مشاعره بأريحية.
كما تم إخضاع وليد، وكجزء من التدخل المنفذ معه، لجلسات تشخيص مهني. وقد أظهرت نتائج التشخيص بأنه كان يمتلك موهبة ومهارة في عدد من المجالات، إلا أنه كان يفضل مجال الكهربائيات، حيث يأمل وليد بالعمل في هذا المجال مستقبلاً وامتلاك المحل الخاص به. وبدوره، فقد عرّف وليد الشباب الآخرين من قريته الذين كانوا قد مروا بتجارب اعتقال مماثلة بالبرنامج ونصحهم بالانخراط به لتلقي العون والمساعدة. وقد عبر وليد عن شكره قائلاً: "أشكر جمعية الشبان المسيحية لأنها ساعدتني على استعادة الأمل. وآمل أن يتمكن البرنامج من العمل مع عدد أكبر من الأطفال المحررين لمساعدتهم أيضاً".